الفترة الذهبية للرعاية الصحية والتعليم الطبي في العراق: نموذج منسي
شهد العراق في منتصف القرن الماضي فترة ذهبية في الرعاية الصحية والتعليم الطبي، حين كان يُعد نموذجاً يُحتذى به في الشرق الأوسط. تميز النظام الصحي بالكفاءة والابتكار، بينما كان التعليم الطبي العراقي مرموقاً على المستوى الدولي. اليوم، وبينما نتأمل هذا الإرث العظيم، نطرح سؤالاً: كيف يمكن استعادة أمجاد الماضي؟
النظام الصحي: رعاية متكاملة ومعايير عالية
في العقود الوسطى من القرن العشرين، كانت الخدمات الصحية في العراق تُقدَّم مجاناً وبجودة عالية. المراكز الصحية والمستشفيات انتشرت في المدن والريف على حد سواء، مما ساعد في تحسين المؤشرات الصحية بشكل ملحوظ.
من أبرز الإنجازات:
- انخفاض كبير في معدلات وفيات الأطفال بسبب برامج التطعيم الوطنية.
- تحسين متوسط العمر المتوقع بفضل برامج الوقاية من الأمراض.
- توفير الرعاية الصحية الأولية في جميع أنحاء البلاد، مما قلل من انتشار الأمراض المعدية مثل الكوليرا والملاريا.
المستشفيات العراقية كانت مجهزة بأحدث الأجهزة الطبية، وأصبحت وجهة لتدريب الأطباء وتقديم الخدمات المتخصصة التي كانت تواكب المعايير العالمية.
التعليم الطبي: مكانة مرموقة وكوادر استثنائية
العراق، الذي شهد تأسيس كلية الطب في بغداد عام 1927، كان من الدول الرائدة في المنطقة في تقديم تعليم طبي بمعايير دولية. خريجو كليات الطب العراقية كانوا يُعرفون بمستواهم العلمي والعملي العالي، وقُبلوا بسهولة في برامج التخصص والزمالة في الجامعات العالمية.
من أسباب تميز التعليم الطبي في العراق:
- مناهج دراسية مستوحاة من أعرق الجامعات الأوروبية.
- برامج تدريب عملي مكثفة في المستشفيات العراقية ذات المعايير العالية.
- البعثات الدراسية التي أرسلت الكفاءات العراقية إلى الخارج، لتعود وتسهم في تطوير النظام الطبي المحلي.
دروس مستفادة من الفترة الذهبية
١.الاستثمار في الكوادر المحلية: تدريب الأطباء والممرضين في الداخل، مع ضمان تعليم طبي عالي الجودة، ساعد العراق على تحقيق الاكتفاء الذاتي.
٢.التركيز على الوقاية: الاهتمام بالرعاية الصحية الأولية والتطعيم أدى إلى تحسين الصحة العامة.
٣.التخطيط الاستراتيجي: كانت الصحة والتعليم الطبي من أولويات الحكومات العراقية، مما انعكس إيجاباً على النظام الصحي ككل.
العوامل التي ساعدت في تحقيق النجاح
- الاستقرار السياسي والاقتصادي: الإيرادات النفطية ساعدت في تمويل المشاريع الصحية والتعليمية.
- رؤية وطنية واضحة: الصحة والتعليم كانا جزءاً من خطة شاملة للتنمية.
- البنية التحتية القوية: تجهيز المستشفيات والمراكز الصحية بأحدث التقنيات ساهم في تقديم خدمات متكاملة.
رسالة أمل: استعادة المجد
رغم التحديات التي يواجهها العراق اليوم، يبقى إرثه الطبي والصحي شهادة على قدراته. بالعمل الجاد والتخطيط السليم، يمكن إعادة بناء نظام صحي وتعليمي يليق بتاريخ العراق. الفترات الذهبية ليست فقط ذكرى، بل هي دافع لاستعادة الأمل والعمل من أجل مستقبل أفضل.