استنادًا إلى التقرير الصادر عن منظمة الصحة العالمية بعنوان “التغير المناخي والصحة”، يتضح أن العراق يقف أمام تحديات مزدوجة تؤثر بعمق على بيئته وصحته العامة. هذا التقرير يقدم صورة شاملة للتحديات التي تواجه العراق نتيجة تغير المناخ وتأثيراتها الصحية، مما يدعو إلى التفكير بعمق في كيفية مواجهة هذه الأزمة المتشابكة.
التحدي المناخي: موجات حر وجفاف وتهديدات بيئية
وفقًا للتقرير، شهد العراق تغيرات مناخية ملحوظة في السنوات الأخيرة، مع توقع ارتفاع درجات الحرارة بما يصل إلى 5.4 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. يشير هذا الارتفاع إلى أن حوالي 70% من أيام السنة قد تُصنف على أنها “حارة”، مما يخلق بيئة قاسية للعيش والعمل.
الأزمة المناخية في العراق ليست مقتصرة على الحرارة فقط، بل تمتد إلى موجات الجفاف المستمرة وانخفاض معدل الأمطار السنوي. هذه التغيرات تهدد الزراعة، وهي مصدر رئيسي للرزق لملايين العراقيين، حيث تضعف إنتاجية الأراضي وتزيد من التصحر، مما يضاعف من معاناة المجتمعات الريفية.
الأزمة الصحية: عواقب تغير المناخ على العراقيين
تنعكس أزمة المناخ بشكل مباشر على صحة السكان. يُظهر التقرير أن تلوث الهواء يعد أحد الأسباب الرئيسية للوفيات في العراق، حيث تتجاوز تركيزات الجسيمات الضارة في المدن الكبرى، مثل بغداد، الحدود الآمنة الموصى بها عالميًا.
العواصف الرملية، التي تزداد تكرارًا وحدّة، تؤدي إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية. بالإضافة إلى ذلك، يزيد نقص المياه النظيفة من خطر انتشار الأمراض المنقولة بالماء، مثل الكوليرا، والتي تتسبب في وفيات يمكن تجنبها.
يشير التقرير أيضًا إلى أن 1.77 مليون شخص في العراق معرضون لانعدام الأمن الغذائي. مع تدهور الإنتاج الزراعي بسبب الظروف المناخية، يجد العراقيون أنفسهم أمام أزمة غذائية تؤثر على الأطفال بشكل خاص، حيث تعاني العائلات من صعوبة توفير الغذاء الصحي والمتوازن.
نظرة على السياسات والاستجابة
بينما أظهر العراق التزامًا بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 14% بحلول عام 2035، يؤكد التقرير أن الجهود المبذولة لا تزال غير كافية. تفتقر البلاد إلى استراتيجية شاملة تربط بين الصحة والتغير المناخي، مما يترك نظام الرعاية الصحية غير مجهز لمواجهة التأثيرات المتزايدة لهذه الأزمة.
توصي منظمة الصحة العالمية بضرورة تحسين نظم الإنذار المبكر لمراقبة الأمراض المرتبطة بالمناخ وتعزيز الشراكات بين القطاعات المختلفة، خاصةً بين الصحة والبيئة.
ماذا بعد؟ رؤية للمستقبل
لضمان مستقبل أكثر استدامة، يحتاج العراق إلى تنفيذ استراتيجيات شاملة تعزز من صمود قطاع الصحة في مواجهة تغير المناخ. يشمل ذلك تحسين البنية التحتية للرعاية الصحية، تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التكيف مع التغيرات المناخية، وتبني تقنيات مبتكرة لتحسين إدارة الموارد المائية والزراعية.
دعوة للتفاعل
إن التغير المناخي والصحة في العراق ليسا مجرد أرقام وإحصائيات، بل هو واقع يعيشه الملايين. كيف يمكننا كمجتمع أن نساعد في مواجهة هذه الأزمة؟ شاركنا رأيك وأفكارك في التعليقات، لأن الحل يبدأ من الحوار والتعاون.