الحياة العراقية مطلع الالفية
كانت الحياة العراقية رغم بساطتها وصعوبتها لا تضاهيها حياة، فالنخيل كانت شامخة والبساتين شاسعة والأنهارصافية والمياه وفيرة. اما الشوارع فكانت مليئة بالسيارات الكلاسيكية وعربات الأحصنة والباصات الحمراء. أما المدارس فكانت شديدة الانتظام ترفع شعارالتربية قبل التعليم وكان المعلم أباً ومرشداً. كان الموظف ذو خلق و يحترم النظام والقانون، وكان الجار للجار أهلاً. على الرغم من القيود والظروف القاسية وقلة وسائل الرفاهية لكن كان للعيش طعمٌ وللأهل وللبيت عبقٌ ودفءٌ. لم تكن مستشيفاتنا من أفضل المستشفيات في العالم لكنها كانت تُدار من قبل أُناس أكفاء ويعمل فيها أطباء ذوي أرواح إنسانية وعقول فذة وكفاءات عالية. لم يكن الطبيب الا رمزاً للشموخ ويُرى كأنه نجم في السماء او سفح جبل من التقدير والتفهم لصعوبة المهنة والجهد والضغط اللذان يعيشهما الطبيب خلال رحلته الدراسية والمهنية. كان الطبيب يعلم والناس تعلم أن مهنة الطب هي الحفاظ على الحياة و مهنة الصحة هي الحفاظ على نظام هذه الحياة.
الوضع الصحي في العراق عام 2000
في ذلك الوقت،عانى النظام الصحي العراقي بشكل كبير نتيجة للعقوبات الاقتصادية التي فُرضت عليه في التسعينيات.فقد أدى الحصار أدى إلى نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، مما أثر سلبًا على قدرة المستشفيات والعيادات على تقديم الرعاية الصحية اللازمة. ومع ذلك، كانت البنية الأساسية للنظام الصحي لا تزال قائمة وكان الاطباء قادرين على تولي زمام الأمور و” الدنيا بخير”
- كان عدد سكان العراق حوالي 23 مليون نسمة في عام 2000
- وكان عدد الكليات الطبية حوالي 12 كلية طب في العراق.
- وكانت هذه الكليات تُخرج حوالي 1000 طالب سنويًا في مجال الطب.
- وكان عدد المستشفيات حوالي 240 مستشفى.
- كان عدد الأطباء حوالي 34,000 طبيب، ولكن الكثير منهم غادر البلاد بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية.
- وكان عدد أطباء الأسنان حوالي 5,000 طبيب.
- وكان عدد الصيادلة حوالي 7,000 صيدلي.
- وكان عدد الممرضين حوالي 50,000 ممرض، لكنهم كانوا يعانون من نقص في التدريب والموارد.
الوضع الصحي في العراق عام 2020
بعد عقدين من الزمن، اختفى المعلم الأب والطبيب الكفوء والموظف الخلوق وشحت المياه وجفت الأنهار وحُرقت البساتين و تبخر دفء البيوت وما عاد الجار للجار الا ما رحم ربي. مرت العشرون عاماً وتراجع مع مرورها النظام الصحي العراقي عشرون خطوة للوراء. ووسط النزاعات المستمرة، أصبحت الحياة في العراق مختلفة تمامًا. استمر عدد السكان في الارتفاع بشكل هائل، مما زاد من الضغط على النظام الصحي المتعثر. تأثرت البنية التحتية الصحية بشكل كبير بسبب الحروب والنزاعات، إضافة إلى الفساد الذي أعاق تطوير الخدمات الصحية.فكان الوضع الصحي كالأتي في عام 2020:
- تضاعف عدد السكان ليصل إلى 39 مليون نسمة، مما زاد الضغط على الخدمات الصحية.
- اما عدد الكليات الطبية فقد ارتفع عدد كليات الطب ليصل إلى 27 كلية، مع قبول حوالي 7106 طالب طب في تلك السنة.
- عدد الخريجين: تخرج من الكليات الطبية آلاف الطلاب لكن بجودة تعليم متدنية، فقل تأثير هؤلاء الخريجين على النظام الصحي.
- عدد المستشفيات: ارتفع عدد المستشفيات إلى حوالي 340 مستشفى، منها حوالي 299 مستشفى حكومي، ولكن العديد من هذه المستشفيات لاتزال تفتقر إلى التجهيزات اللازمة لتقديم رعاية صحية عالية الجودة.
- عدد الأطباء: بلغ عدد الأطباء حوالي 52,000 طبيب، ولكن الهجرة الجماعية للأطباء نتيجة الحروب جعلت النظام يعاني من نقص كبير في الكوادر.
- عدد أطباء الأسنان: ارتفع عدد أطباء الأسنان إلى 10,000 طبيب.
- عدد الصيادلة: وصل عدد الصيادلة إلى حوالي 15,000 صيدلي.
- عدد الممرضين: ارتفع عدد الممرضين إلى حوالي 75,000 ممرض، ولكن النظام لا يزال يعاني من نقص في الممرضين المؤهلين لتقديم الرعاية الكافية.
لمستقبل صحي أفضل
بين عامي 2000 و2020، شهد العراق تحولات جذرية في بنيته الصحية، من نظام متدهور بفعل العقوبات إلى نظام مثقل بالنزاعات والأزمات. وعلى الرغم من الزيادة الطفيفة في عدد المستشفيات والخريجين، إلا أن الحروب والهجرة الجماعية للأطباء أضعفت النظام الصحي بشكل كبير. ومع استمرار النمو السكاني، بات العراق في حاجة ملحة إلى استثمارات جادة في البنية التحتية الصحية وإصلاحات عميقة لدعم القوى العاملة الطبية وتطوير نظام صحي قادر على تلبية احتياجات الجميع. نكتب لكم لندرك وتدركوا أين كنا أين نحن الان لا لكي نتحسر بل لكي نتجسر ونتشجع وننطلق بروح الماضي لحياة المستقبل. فنحن بحاجة لإصلاح أنفسنا أولا ثم أصلاح نظامنا التعليمي وأصلاح النظام الصحي لنأخذ أنفسنا وأهلينا نحو مستقبل أفضل.