“كارثة تجري بصمت: نهر ديالى وما يعانيه في الخفاء

خريطة المقال

1. ما هو نهر ديالى؟ منبعه وتاريخه ومناطق مروره في بغداد

2. محطة الرستمية: بوابة التلوث الصامت

3. ما الذي فعلته الباحثة؟

4. ما الذي وجدته؟

5. ما الذي توصي به الباحثة؟

6. رسالة توعوية إلى العامة

7. رسالة حازمة إلى صُنّاع القرار

8. المصادر

1. ما هو نهر ديالى؟ منبعه وتاريخه ومناطق مروره في بغداد

هو نهر ينبع من جبال زاغروس في إيران، ويجري باتجاه الغرب ليدخل محافظة ديالى العراقية التي يروي بساتينها المشهورة بالبرتقال. لكن ما الدور الذي يلعبه نهر ديالى في بغداد؟
إن نهر ديالى في ديالى هو بطل مغوار يسير ويسقي البساتين ويلعب دوراً حيوياً في المحافظة، أما في بغداد فهو حمّال أثقال أقوامٍ إذا افتدحوا، فهو يمر مباشرة بجانب محطة الرستمية لمعالجة مياه الصرف الصحي، التي تعتبر أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في بغداد.
إن هذه المحطة تقع جنوب شرق بغداد، بالقرب من منطقة الزعفرانية، ويمر النهر بجانبها قبل أن يتوجه أخيرًا لنهر دجلة ليختتم رحلته ويلتحم به.  وعلى الرغم من أنه لا يُستخدم رسميًا كجزء من شبكة الصرف الصحي، لكن المشكلة أن جزءًا كبيرًا من مياه الصرف الصحي المُعالجة أو غير المُعالجة تُفرغ فيه مباشرة. إن تعرض المحطة للضغط الزائد والأعطال الكثيرة يجعلها تصرف المياه للنهر مباشرة دون أن تتم معالجتها بشكل كامل. في هذه الحالات، يتحول النهر فعليًا إلى ناقل للتلوث البيئي والبكتيري الذي سيحمل أثقاله ليفرغها في نهر دجلة لاحقًا.

2. محطة الرستمية: بوابة التلوث الصامت

هذا الأمر هو ما جذب نبأ شاكر هادي، الباحثة والتدريسية في جامعة بابل، في قسم البيئة التابع لكلية الهندسة. فقررت أن تخوض رحلة علمية ميدانية لتقيس حجم الضرر والتلوث البيئي الناتج من استخدام نهر ديالى كمصدر تصريف للمياه الثقيلة من قبل محطة الرستمية.
استغرقت الباحثة في دراستها ١٢ شهرًا قامت فيها بجمع عينات من أربع مواقع على طول نهر ديالى (قبل وبعد محطة الرستمية)، وكانت العينات بين مياه سطحية ورواسب ثقيلة.

مواقع جمع العينات حسب الصورة كما عرضتها الباحثة في بحثها:

3. ما الذي فعلته الباحثة؟

قامت الباحثة بفحص عدد من المؤشرات الفيزيائية والكيميائية مثل:

• الأس الهيدروجيني (pH)

• الناقلية الكهربائية (Electrical Conductivity – EC)

• الملوحة (Salinity – %)

• المواد الصلبة الذائبة (Total Dissolved Solids – TDS)

كما أجرت اختبارات بكتيرية لمعرفة البكتيريا القولونية الكلية (Total Coliform Bacteria)، والإيشيريشيا كولاي (E. coli)، والمكورات البرازية (Fecal Streptococcus – FS).

4. ما الذي وجدته؟

انظر الجدول التالي الذي يوضح كل مؤشر وضرره عند ارتفاعه:

النتائج حسب المواقع والفصول:

صور النتائج النهائية مقتبسة من البحث:

5. ما الذي توصي به الباحثة؟

توصيات البحث واضحة ومباشرة، وهي تدعو إلى:

أولاً: تحديث محطة الرستمية بمنظومة معالجة فعالة.
ثانياً: إصدار تقارير بيئية شهرية شفافة ومفتوحة للجمهور.
ثالثاً: تفعيل الرقابة البيئية على مصادر الصرف غير النظامية.
رابعاً: تضمين جودة المياه في أولويات خطط التنمية المستدامة.

6. رسالة توعوية إلى العامة

إن وجود الإنسان قد أثقل الأرض واستنزفها على مر العصور بقدر ما عمّرها، لكن المضحك المبكي أن الأرض لا تحتاجنا لنعمرها، فهي زاهرة منذ الأزل بذاتها، لكن من حقها علينا أن نكون أقل استغلالًا لها وأكثر تحمّلًا لمسؤولية نتائج أفعالنا.
إن قرارنا بالتغيير اليوم لن يمحو ما تركناه على هذه الأرض من مخلفات بلحظة أو يوم أو سنة.
إن مؤشرات الملوحة والمواد الصلبة قد تجاوزت الحد المسموح به، مما يؤثر سلبًا على دور النهر الذي يلعبه في الأراضي الزراعية.
أضف إلى ذلك أن مؤشرات البكتيريا البرازية مثل E. coli تجاوزت الحد المسموح به بأكثر من 1000 ضعف، ما يهدد صحة أطفالنا و ينذر بتفشي أمراض خطيرة.
أرضنا، مياهنا، صحة أطفالنا، وحياتنا كلها بأيدينا.

7. رسالة حازمة إلى صنّاع القرار

قبل أن نرفع صوتنا، نُحدد وجهتنا.
هذه الرسالة موجّهة إلى كل من يمتلك القرار أو يؤثر فيه، ممن تقع على عاتقهم مسؤولية حماية نهر ديالى وحماية صحة الناس الذين يعيشون على ضفافه:

• إلى وزارة الموارد المائية، الحارس الأول لشراييننا المائية.

• إلى وزارة البيئة، العين التي ترى وتُحذّر من التدهور الصامت.

• إلى وزارة الصحة، التي يُهدد هذا التلوث كل مهامها في الوقاية.

• إلى أمانة بغداد ومديرية المجاري، حيث تبدأ كل نقطة صرف صحي.

• إلى وزارة التخطيط، حيث يجب أن تكون البيئة أولوية في الخطط الوطنية.

• إلى محافظة بغداد ومجلسها المحلي، صوت المواطن ونبضه التنفيذي.

• إلى وزارة البلديات، التي تبني وتُرمم وتصلح.

• إلى البرلمان العراقي – لجنة الصحة والبيئة، من يُراقب ويُشرّع ويُحاسب.

• إلى ديوان الرقابة المالية، من يتابع الإنفاق ويُسائل عن الإهمال.

• إلى الجامعات والمراكز البحثية، التي تملك العلم والأدلة وتحتاج من يُنصت.

• إلى هيئة الإعلام والاتصالات وشبكة الإعلام العراقي، من يملك المنصة لتوصيل الحقيقة.

• إلى منظمات المجتمع المدني، التي تنقل صرخة الناس إن سكتت المؤسسات.

إليكم جميعًا نوجّه الرسالة التالية…
هذه ليست أزمة بيئية فقط… بل أزمة أمن صحي مستقبلي.
نحن لا نطلب معجزة. نطلب فقط:

• تحديث محطة الرستمية بمنظومة معالجة فعالة.

• إصدار تقارير بيئية شهرية شفافة ومفتوحة للجمهور.

• تفعيل الرقابة البيئية على مصادر الصرف غير النظامية.

• تضمين جودة المياه في أولويات خطط التنمية المستدامة.

إنقاذ نهر ديالى ليس رفاهية ولا مشروعًا تجميليًا.
إنه ضرورة وطنية… وحمايته من التلوث هو استثمار في صحة هذا الجيل والأجيال القادمة.

8. المصادر
   Hadi, N. S. (2023). Evaluation of Water and Sediment Quality by Bacteriological Diversity Studies on Certain Locations of the Diyala River, Baghdad.
   Environment and Natural Resources Journal, 21(6), 491–500.
   رابط الدراسة الكاملة

صورة المقال الرئيسية من موقع https://nirij.org/ وجميع الحقوق محفوظة للمصدر الاصلي.